للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومطلق كلامه ينصرف إلى هذا المقيد؛ فيحصل من مذهبه أن دفع (١) الزكاة إلى الغريم جائز، سواء دفعها ابتداء أو استوفى حقَّه ثم دفع ما استوفاه إليه، إلا أنه متى قصد بالدفع إحياء ماله واستيفاء دينه لم يجز؛ لأن الزكاة حق لله (٢) وللمستحق، فلا يجوز صرفها إلى الدافع، ويفوز بنفعها العاجل.

ومما يوضح ذلك أن الشارع منعه من أخذها من المستحق بعوضها، فقال: «لا تشترِها ولا تعُدْ في صدقتك» (٣)، فجعله بشرائها منه بثمنها عائدًا فيها، فكيف إذا دفعها إليه بنيةِ أخْذِها منه؟ قال جابر بن عبد الله: إذا جاء المصَّدق فادفع إليه صدقتك، ولا تشترِها، فإنهم كانوا يقولون: «ابتَعْها» فأقول: إنما هي لله (٤). وقال ابن عمر: لا تشترِ طَهورَ مالك (٥).

وللمنع من شرائه علتان:

إحداهما: أنه يتخذ ذريعة وحيلة إلى استرجاع شيء منها؛ لأن الفقير يستحيي منه فلا يماكسه في ثمنها، وربما أرخصها ليطمع (٦) أن يدفع إليه


(١) ك: «يدفع».
(٢) ز: «الله».
(٣) رواه البخاري (١٤٨٩) ومسلم (١٦٢١) من حديث ابن عمر عن أبيه عمر.
(٤) رواه عبد الرزاق (٦٨٩٦) وابن أبي شيبة (١٠٦٠١)، كلاهما من طريق ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر، وإسناد صحيح.
(٥) رواه عبد الرزاق (٦٨٩٧) وابن أبي شيبة (١٠٦٠٠)، كلاهما من طريق مسلم بن جبير عن ابن عمر بلفظ «طهرة مالك». ومسلم بن جبير ترجمه أحمد في «العلل» (٢/ ٥١٢) والبخاري في «التاريخ الكبير» (٤/ ٢٥٨) وابن أبي حاتم (٤/ ١٨١) ولم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في «الثقات» (٥/ ٣٩٣).
(٦) ز: «ليطمعا».