للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإمام أحمد نعله وقال للمرتهن: إن جئتك بالحق إلى كذا وإلا فهو لك. وهذا بيعٌ بشرط، فقد فعله وأفتى به.

وكذلك تعليق الإبراء بالشرط، نصَّ على جوازه فعلًا منه، فقال لمن اغتابه ثم استحلَّه: «أنت في حلٍّ إن لم تَعُد»، فقال له الميموني: قد اغتابك وتحلِّله؟ فقال: ألم ترني قد اشترطتُ عليه أن لا يعود؟ والمتأخرون من أصحابه يقولون: لا يصح تعليق الإبراء بالشرط، وليس ذلك موافقًا لنصوصه ولا لأصوله.

وقد علَّق النبي - صلى الله عليه وسلم - ولاية الإمارة بالشرط (١)، وهذا تنبيه على تعليق ولاية الحكم وكل ولاية، وعلى تعليق الوكالة الخاصة والعامة. وقد علَّق أبو بكر تولية عمر - رضي الله عنه - بالشرط (٢)، ووافقه عليه سائر الصحابة فلم ينكره منهم رجل واحد.

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من باع نخلًا قد أُبِّرت فثمرتها للبائع، إلا أن يشترطها [١٢٨/ب] المبتاع» (٣)، فهذا اشتراطٌ خلاف مقتضى العقد المطلق، وقد


(١) فقد أمَّر في غزوة مؤتة زيد بن حارثة، وقال: «إن قُتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة». رواه البخاري (٤٢٦١) عن عبد الله بن عمر.
(٢) حيث أملى على عثمان بن عفان قبل وفاته: «إني استخلفتُ عليكم بعدي عمر بن الخطاب ... فإن عدلَ فذلك ظني به وعلمي فيه، وإن بدَّل فلكلِّ امرئ ما اكتسب من الإثم، والخير أردتُ ولا أعلم الغيب». انظر: «طبقات ابن سعد» (٣/ ٢٠٠).
(٣) رواه البخاري (٢٢٠٤، ٢٢٠٦، ٢٧١٦) ومسلم (١٥٤٣/ ٧٧ - ٧٩) من حديث نافع عن ابن عمر مرفوعًا. ورواه أيضًا البخاري (٢٣٧٩) ومسلم (١٥٤٣/ ٨٠) من حديث سالم عن ابن عمر مرفوعًا مع الجزء الثاني المتعلق بالعبد، الآتي ذكره.