للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصفُه بأنه متبع بأولَى من وصفِه بأنه مخالف؛ ولأن الرضوان حكمٌ تعلَّق باتباعهم، فيكون الاتباع سببًا له؛ لأن الحكمَ المعلَّق بما هو مشتقٌّ يقتضي أن ما منه الاشتقاق سبب، وإذا كان اتباعهم سببًا للرضوان اقتضى الحكم في جميع موارده، [إذ] (١) لا اختصاصَ للاتباع بحالٍ دون حالٍ؛ ولأن الاتباع يُؤذِن بكون الإنسان تبعًا لغيره وفرعًا عليه، وأصول الدين ليست كذلك؛ ولأن الآية تضمَّنت الثناء عليهم وجعلهم أئمة لمن بعدهم، فلو لم يتناول إلا اتباعَهم في أصول الدين والشرائع (٢) لم يكونوا أئمةً في ذلك، لأن ذلك معلوم مع قطع النظر عن اتباعهم.

فصل

وأما قولهم «إن الثناء على من اتبعهم كلهم»، فنقول: الآية اقتضَتْ الثناءَ على من اتبع كلَّ واحدٍ واحدٍ (٣) منهم، كما أن قوله: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ} [التوبة: ١٠٠] يقتضي حصول الرضوان لكلِّ واحد من السابقين والذين اتبعوهم في قوله: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ} [التوبة: ١٠٠] وكذلك في قوله: {اتَّبَعُوهُمْ}، لأنه حكم عُلِّق عليهم في هذه الآية، فقد تناولهم مجتمعين ومنفردين.

وأيضًا فإن الأصل في الأحكام المعلَّقة بأسماء عامة ثبوتُها لكل فردٍ فردٍ من تلك المسمَّيات، كقوله: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [الأنعام: ٧٢]، وقوله: {لَقَدْ


(١) زيادة من «تنبيه الرجل». وفي المطبوع: «و». وليست في النسخ.
(٢) في المطبوع: «دون الشرائع» خلاف النسخ و «التنبيه».
(٣) «واحد» الثانية ساقطة من ك والمطبوع.