وأيضًا فإن الأحكام المعلَّقة على المجموع يُؤتَى فيها باسم يتناول المجموع دون الأفراد، كقوله:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}[البقرة: ١٤٣]، وقوله:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}[آل عمران: ١١٠]، و قوله:{وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ}[النساء: ١١٥]، فإن لفظ «الأمة» ولفظ «سبيل المؤمنين» لا يمكن توزيعه على أفراد الأمة وأفراد المؤمنين، بخلاف لفظ «السابقين»، فإنه يتناول كل فرد من السابقين.
وأيضًا فالآية تعمُّ اتباعَهم مجتمعين ومنفردين في كل ممكن؛ فمن اتبع جماعتهم إذا اجتمعوا واتَّبع آحادهم فيما وُجِد عنهم مما لم يخالفه فيه غيره منهم فقد صدق عليه أنه اتبع السابقين. أما من خالف بعض السابقين فلا يصح أن يقال «اتبع السابقين» لوجود مخالفته لبعضهم، لا سيما إذا خالف هذا مرةً وهذا مرةً. وبهذا يظهر الجواب عن اتباعهم إذا اختلفوا؛ فإن اتباعهم هناك قولُ (١) بعض تلك الأقوال باجتهاد واستدلال، إذ هم مجتمعون على تسويغ كل واحد من الأقوال لمن أدَّى اجتهاده إليه، فقد قصد اتباعهم أيضًا. أما إذا قال الرجل قولًا، ولم يخالفه غيره فلا يُعلم أن السابقين سوَّغوا خلافَ ذلك القول.