للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يخالف قول الواحد (١) منهم فقد علمنا أنه لو ظَفِر بذلك النصّ لم يَعدِلْ عنه. أما إذا رأينا رأيًا فقد يجوز أن يخالف ذلك الرأي.

[١٧٦/ب] وأيضًا فلو لم يكن اتباعهم إلا فيما أجمعوا عليه كلُّهم لم يحصل اتباعهم إلا فيما قد عُلِم أنه من دين الإسلام بالاضطرار؛ لأن السابقين الأولين خلقٌ عظيم، ولم يُعلَم أنهم اجتمعوا إلا على ذلك؛ فيكون هذا الوجه هو الذي قبله، وقد تقدم بطلانه؛ إذ الاتباع في ذلك غير مؤثِّر.

وأيضًا فجميع السابقين قد مات منهم أناسٌ في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحينئذٍ فلا يحتاج في ذلك الوقت إلى اتباعهم للاستغناء عنه بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم لو فرضنَا أحدًا يتبعهم إذ ذاك لكان من السابقين، فحاصله أن التابعين لا يُمكِنهم اتباعُ جميع السابقين.

وأيضًا فإن معرفة قول جميع السابقين كالمتعذّر، فكيف يتبعون كلَّهم في شيء لا يكاد يُعلَم؟

وأيضًا فإنهم إنما استحقُّوا منصبَ الإمامة والاقتداء بهم بكونهم هم السابقين، وهذه صفة موجودة في كل واحد منهم، فوجب أن يكون كلٌّ منهم إمامًا للمتقين كما استوجب الرضوان والجنة.

فصل

وأما قوله: «ليس فيها ما يوجب اتباعهم»، فنقول: الآية تقتضي الرضوان عمن اتبعهم بإحسان، وقد قام الدليل على أن القول في الدين بغير علم حرام؛ فلا يكون اتباعهم قولًا بغير علم، بل قولًا بعلم، وهو المقصود،


(١) ك، ب: «أحد».