للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشروط وأضعافها وأضعاف أضعافها من باب التعاون على الإثم والعدوان، والله تعالى إنما أمَر بالتعاون على البرِّ والتقوى، وهو ما شرعه على لسان رسوله (١)، دون ما لم يشرعه، فكيف بما شُرِع خلافَه!

والوقف إنما يصح على القُرَب والطاعات، ولا فرق في ذلك بين مصرفه وجهته وشرطه؛ فإن الشرط صفة وحال في الجهة والمصرف، فإذا اشترط أن يكون المصروف (٢) قربة وطاعة فالشرط كذلك، ولا يقتضي الفقه إلا هذا. ولا يمكن أحدًا أن ينقل عن أئمة الإسلام الذين لهم في الأمة لسانُ صدق ما يخالف ذلك البتة. بل نشهد بالله ولله أن الأئمة لا تخالف ما ذكرناه، وأن هذا نفس قولهم، وقد أعاذهم الله من غيره. وإنما يقع الغلط الكثير (٣) من المنتسبين إليهم في فهم أقوالهم، كما وقع لبعض من نصَب نفسَه للفتوى من أهل عصرنا: ما تقول السادة الفقهاء (٤) في رجل وقَف وقفًا على أهل الذمة، هل يصحُّ ويتقيَّد الاستحقاق بكونه منهم؟ فأجاب بصحة الوقف، وتقيُّد (٥) الاستحقاق بذلك الوصف، وقال: هكذا قال أصحابنا، ويصح الوقف على أهل الذمة. فأنكر ذلك شيخُنا عليه غاية الإنكار، وقال: مقصود الفقهاء بذلك أن كونه من أهل الذمة ليس مانعًا من صحة الوقف عليه بالقرابة أو بالتعيين. وليس مقصودهم أن الكفر بالله ورسوله أو عبادة


(١) في النسخ المطبوعة: «رسول الله - صلى الله عليه وسلم -».
(٢) في النسخ المطبوعة: «المصرف».
(٣) في المطبوع: «لكثير»، وفي الطبعات السابقة: «من كثير».
(٤) هكذا السياق في النسخ الخطية والمطبوعة.
(٥) في النسخ المطبوعة: «وتقييد».