للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونصَّ الإمام أحمد فيمن طعن على الصحابة أنه قد وجب على السلطان عقوبته. وليس للسلطان أن يعفو عنه، بل يعاقبه ويستتيبه، فإن تاب، وإلا أعاد العقوبة.

وصرَّح أصحابنا في أن النساء إذا خيف عليهن المساحقة حُرِّم خلوةُ بعضهن ببعض. وصرَّحوا بأن من أسلم وتحته أختان فإنه يُجبَر على اختيار إحداهما. فإن أبى ضُرِب حتى يختار. قالوا: وهكذا كلُّ من وجب عليه حقٌّ، فامتنع من أدائه، فإنه يُضرَب حتى يؤدِّيه (١).

وأما كلام مالك وأصحابه في ذلك، فمشهور.

وأبعَدُ الناس من الأخذ بذلك الشافعي رحمه الله تعالى مع أنه اعتبر قرائن الأحوال في أكثر من مائة موضع، وقد ذكرنا منها كثيرًا في غير هذا الكتاب (٢).

منها: جواز وطء الرجل المرأة ليلة الزفاف، وإن لم يرها ولم يشهد عدلان أنها امرأته، بناء على القرائن.

ومنها: قبول الهدية التي يوصلها إليه صبيٌّ أو عبد أو كافر، وجواز أكلها والتصرف فيها، وإن لم يشهد عدلان أن فلانًا أهدى لك كذا، بناءً على القرائن. ولا يشترط تلفظه ولا تلفظ الرسول بلفظ الهبة والهدية.


(١) انظر ما نقله صاحب «الإنصاف» (٣٠/ ١٠٩) عن شيخ الإسلام.
(٢) لعل المقصود «الطرق الحكمية في السياسة الشرعية» (١/ ٤٨ - ٦٣).