للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تُهمل مثل هذا الحقَّ وتُضيعه مع ظهور أدلته وقوتها، وتقبله مع الدليل الذي هو دون ذلك.

وقد روى أبو داود في "سننه" (١) في قضية اليهوديين اللذين زنيا، فلما شهد أربعةٌ من اليهود عليهما أمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - برجمهما.

وقد تقدَّم حكمُ [٥٥/ب] النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بشهادة الأَمَة الواحدة على فعل نفسها؛ وهو يتضمَّن شهادة العبد. وقد حكى الإمام أحمد عن أنس بن مالك إجماع الصحابة على شهادته، فقال (٢): ما علمتُ أحدًا ردَّ شهادةَ العبد (٣).

وهذا هو الصواب، فإنه إذا قُبِلت شهادته على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حكمٍ يلزم جميعَ الأُمّة، فلَأَنْ تُقبَل شهادتُه على واحد من الأمّة في حكم جزئي أولى وأحرى. وإذا قُبِلت شهادته على حكم الله ورسوله في الفروج والدماء والأموال في الفتوى، فلَأَنْ تُقبَل شهادتُه على واحد من الناس أولى وأحرى.


(١) برقم (٤٤٥٢)، وابن ماجه (٢٣٢٨) ــ لكنه اختصره ــ من حديث مجالد، عن الشعبي، عن جابر - رضي الله عنه -. قال الدارقطني بعد تخريجه إياه في "السنن" (٤٣٥): "تفرّد به مجالد عن الشعبي، وليس بالقوي". والظاهرأن مجالدًا لزم الجادّة، فزلق. وقد خالفه مغيرة بن مقسم وعبد الله بن شبرمة فروياه عن الشعبي مرسلا، أخرجه أبو داود (٤٤٥٣، ٤٤٥٤). ويُنظر: "تنقيح التحقيق" لابن عبد الهادي (٥/ ٨٦ - ٨٧).
(٢) هذا قول أنس، وقد تقدَّم تخريجه. وانظر "المغني" (١٤/ ١٨٥) و"النبوات" لابن تيمية (١/ ٤٧٩). وذكر المصنف حكاية الإمام أحمد إياه مع أقوال المانعين وتكلم عليها في "الطرق الحكمية" (١/ ٤٤٢ - ٤٥٣). وانظر: "الصواعق" (٢/ ٥٨٣) و"بدائع الفوائد" (١/ ٩).
(٣) ح، ف: "وقال".