للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كيف وهو داخل في قوله: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}؟ فإنه منَّا، وهو عَدْل، وقد عدَّله النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "يحمل هذا العلمَ من كلِّ خَلَفٍ عُدولُه" (١)،

وعدَّلته الأمَّةُ في الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والفتوى. وهو من رجالنا، فيدخل في قوله: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ}. وهو مسلم، فيدخل في قول عمر بن الخطاب (٢): "والمسلمون عدولٌ بعضهم على بعض". وهو صادق، فيجب العملُ بخبره، وأن لا يُرَدَّ، فإنَّ الشريعة لا ترُدُّ خبرَ الصادق، بل تعمل به. وليس بفاسق، فلا يجب التثبّتُ في خبره وشهادته.

وهذا كلُّه من تمام رحمةِ الله وعنايته بعباده، وإكمالِ دينهم لهم، وإتمامِ نعمته عليهم بشريعته؛ لئلا تضيع حقوق الله وحقوق عباده، مع ظهور الحقِّ


(١) رُوي هذا الحديث من طرق كثيرة جدّا، واهية، أو مضطربة. والمحفوظ ما رواه محمد بن وضاح في "البدع" (١)، والعقيلي في "الضعفاء" (٦/ ١٣٢)، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (٢/ ١٧)، والآجري في "الشريعة" (١/ ٢٦٨، ٢٦٩)، وابن عدي في "الكامل" (١/ ٢١١، ٢٤٩)، وابن بطة في "الإبانة" (٣٣)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (١/ ٢١١) من حديث مُعان بن رفاعة، عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري مرسلا أو معضلا، ومُعان فيه بعضُ لِينٍ، وشيخُه إبراهيم مجهول الحال، ثم هو قد أعضل الحديث، ولم يُسنده عن ثقة معروف.

ويُنظر: "المسند" للبزار (٩٤٢٣)، و "الضعفاء" للعقيلي (٦/ ١٣٢)، و "معرفة الصحابة" لأبي نعيم (١/ ٢١١)، و "ذخيرة الحفاظ" لابن طاهر (٥/ ٢٧٧٧ - ٢٧٧٩)، و "بيان الوهم والإيهام" لابن القطان (٣/ ٤٠)، و "جامع المسانيد" لابن كثير (١/ ٦٨)، و "التقييد والإيضاح" للعراقي (ص ٣٨ - ٣٩).
(٢) من كتابه إلى أبي موسى الأشعري، وهو الذي يشرحه المؤلف. وسيأتي الكلام على هذا الجزء أيضًا.