للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بشهادة الصادق. لكن إذا أمكن حفظُ الحقوق بأعلى الطريقين فهو أولى، كما أمر بالكتاب والشهود، لأنه أبلغ في حفظ الحق (١).

فإن قيل: أمرُ الأموال أسهل، فإنه يُحكَم فيها بالنكول، وباليمين المردودة، وبالشاهد واليمين، بخلاف الرجعة والطلاق.

قيل: هذا [٥٦/أ] فيه نزاع، والحجة إنما تكون بنص أو إجماع. فأما الشاهد واليمين فالحديث الذي في صحيح مسلم (٢) عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالشاهد واليمين، ليس فيه أنه في الأموال، وإنما هو قول عمرو بن دينار (٣). ولو كان مرفوعًا عن ابن عباس، فليس فيه اختصاصُ الحكم بذلك في الأموال وحدها، فإنه لم يخبر عن شرعٍ عامٍّ شرَعَه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في الأموال. وكذلك سائر ما روي من حُكمه بذلك، إنما هو في قضايا معينة قضى فيها بشاهد ويمين، وهذا كما لا يدل على اختصاص حُكمه بتلك القضايا، لا يقتضي اختصاصَه بالأموال؛ كما أنه إذا حكم بذلك في الديون لم يدل على أن الأعيان ليست كذلك. بل هذا يحتاج إلى تنقيح المناط، فيُنظر ما حُكِم لأجله، إن وُجِد في غير محلِّ حُكمِه عُدِّي إليه.

وفي حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن المرأة إذا أقامت شاهدًا واحدًا على الطلاق، فإن حلَف الزوجُ أنه لم يطلِّق


(١) ع: "الحقوق"، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٢) برقم (١٧١٢).
(٣) رواه الإمام الشافعي في "الأم" (١/ ١٤٩) ــ ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبير" (١٠/ ١٦٧)، والبغوي في "شرح السنة" (١٠/ ١٠٣) ــ، والإمام أحمد في "المسند" (٢٩٦٨)، وجوّد سنده النسائي في "السنن الكبرى" (٥٩٦٧).