للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن الأب ليس هو وماله لابنه. ولا يدل الحديث على منع (١) قبول شهادة أحدهما للآخر. والذي دلَّ عليه الحديث، أكثرُ منازعينا لا يقولون به؛ بل عندهم أن مال الابن له حقيقةً وحكمًا، وأن الأب لا يتملَّك عليه منه شيئًا (٢). والذي لم يدل عليه الحديث حمَّلتموه إياه، والذي دل عليه لم تقولوا به (٣)!

ونحن نتلقَّى أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلَّها بالقبول والتسليم، ونستعملها على وجهها (٤)، ولو دلَّ قوله: "أنت ومالك لأبيك" على أنه (٥) لا تقبل شهادة الولد لوالده ولا الوالد لولده لكنَّا أول ذاهب إلى ذلك، ولما سبقتمونا إليه؛ فأين موضع الدلالة؟ واللام في الحديث ليست للملك قطعًا، وأكثركم يقول: ولا للإباحة، إذ لا يباح مالُ الابن لأبيه. ولهذا فرَّق بعضُ السلف فقال: تقبل شهادة الابن لأبيه، ولا تقبل شهادة الأب لابنه. وهو إحدى الروايتين عن [٦٦/ب] الحسن والشعبي (٦)، ونصَّ عليه أحمد في


(١) لفظ "منع" ساقط من ع. وفي بعض النسخ المطبوعة في مكانها: "عدم" بين حاصرتين. وفي ت: "فإن الحديث لا يمنع".
(٢) ما عدا س: "شيء".
(٣) قارنِ بردِّ ابن حزم على استدلالهم في "المحلَّى" (٨/ ٥٠٨).
(٤) في النسخ المطبوعة: "في وجوهها".
(٥) في النسخ المطبوعة: "على أن".
(٦) النقل عنهما مختلفٌ، كما أشار المصنِّف رحمه الله تعالى، والذي وقفتُ عليه: ما رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٢٣٣١٧) من طريق أشعث، عن الحسن قال: لا تجوز شهادة الرجل لابنه، ولا شهادة الابن لأبيه ... وروى أيضًا (٢٣٣١٦) من طريق أشعث عن عامر [وهو الشعبي] أنه كان لا يُجيز شهادة الرجل لأبيه ... وكان يُجيز شهادة الرجل لابنه. وقد نقل القولين عنهما ابن حزم في "المحلَّى" (٩/ ٤١٥).