للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رواية عنه (١).

ومن يقول هي للإباحة أسعد بالحديث، وإلا تعطلت دلالته وفائدته (٢). ولا يلزم من إباحة أخذه ما شاء من ماله أن لا تُقبل شهادته له بحال، مع القطع أو ظهور انتفاء التهمة، كما لو شهد له بنكاح أو حدٍّ أو ما لا تلحقه به تهمة.

قالوا: وأما كونه لا يُعطَى من زكاته، ولا يقاد به، ولا يُحدُّ به، ولا يثبت له في ذمته دَين، ولا يُحبَس به= فالاستدلال إنما يكون بما ثبت بنصٍّ أو إجماع، وليس معكم شيء من ذلك؛ فهذه مسائل نزاع، لا مسائل إجماع. ولو سُلِّم ثبوتُ الحكم فيها أو في بعضها لم يلزم منه عدمُ قبول شهادة أحدهما للآخر حيث تنتفي التهمة.

ولا تلازُمَ بين قَبول الشهادة وجَرَيان القصاص وثبوت الدين له في ذمته، لا عقلًا ولا شرعًا؛ فإن تلك الأحكام اقتضتها الأبوة التي تمنع من مساواته للأجنبي (٣) في حدِّه به، وإقادته منه، وحبسه بدَينه؛ فإن منصب أبوته يأبى ذلك، وقبحُه مركوزٌ في فِطَر الناس. وما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، وما رأوه قبيحًا فهو عند الله قبيح. وأما الشهادة فهي خبرٌ يعتمد الصدق والعدالة، فإذا كان المخبِر به صادقًا، مبرِّزًا في العدالة، غيرَ متَّهمٍ في الإخبار به (٤) = فليس قبولُ قولِه قبيحًا عند المسلمين، ولا تأتي


(١) انظر: "الروايتين والوجهين" (٣/ ٩٥).
(٢) ت، ع: "فائدته ودلالته". وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) يظهر أنه كان في ح: "مساواة الأجنبي"، فأصلحه بعضهم.
(٤) لم يرد "به" في النسخ المطبوعة.