للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلوبهم مولِّيَةً، وهم يجمحون، لثقل معرفة الربِّ تعالى وأسمائه وصفاته على عقولهم وقلوبهم. وكذلك المشركون على اختلاف شركهم، إذا جُرِّد لهم التوحيدُ، وتُليت عليهم نصوصُه (١) المبطِلةُ شركَهم (٢)، اشمأزَّتْ قلوبهم، وثقُل (٣) عليهم، ولو وجدوا السبيل إلى سدِّ آذانهم لفعلوا. وكذلك تجد أعداء أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سمعوا نصوص الثناء على الخلفاء الراشدين وصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثقل ذلك عليهم جدًّا، وأنكرته قلوبهم. وهذا كلُّه شبَه ظاهر، ومثلٌ محقَّق من إخوانهم من المنافقين في المثل الذي ضربه الله لهم بالماء، فإنهم لمّا تشابهت قلوبهم تشابهت أعمالهم.

فصل

وقد ذكر الله المثلين المائي والناري في سورة الرعد (٤)، ولكن في حقِّ المؤمنين؛ فقال تعالى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ (٥) عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ [٨٨/ب] مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ


(١) يعني: "نصوص التوحيد". وفي النسخ المطبوعة: "النصوص".
(٢) ت: "لشركهم"، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) في النسخ المطبوعة: "ثقلت"، ولعله تصرف من بعض الناشرين.
(٤) انظر في المثلين: "إغاثة اللهفان" (١/ ٣١) و"طريق الهجرتين" (١/ ٢٢٢ - ٢٢٣) و"مفتاح دار السعادة" (١/ ١٦٤ - ١٦٦، ٣٥٢) و"الوابل الصيب" (ص ١٣٣ - ١٣٤، ١٤٣).
(٥) س، ح: "توقدون". وهي قراءة أبي عمرو، وبها قرأ الحرميان وابن عامر. انظر: "الإقناع" لابن الباذش (٢/ ٦٧٥).