للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

ومنها: قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (١٧٥) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ [٩٦/ب] بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف: ١٧٥ - ١٧٦].

فشبَّه سبحانه من آتاه كتابه، وعلَّمه العلمَ الذي منعه غيره، فترك العملَ به، واتبع هواه، وآثر سخط الله على رضاه، ودنياه على آخرته، والمخلوق على الخالق= بالكلب الذي هو من أخبث الحيوانات، وأوضعها قدرًا، وأخسِّها (١) نفسًا، وهمَّتُه لا تتعدَّى بطنه، وأشدِّها شرَهًا وحرصًا، ومن حرصه أنه لا يمشي إلا وخَطْمُه في الأرض يتشمَّم ويستَرْوِح حرصًا وشَرَهًا. ولا يزال يشَمُّ دُبُرَه دون سائر أجزائه، وإذا رميتَ إليه بحجر رجع إليه ليعَضَّه من فرط نهمته. وهو من أمهَنِ الحيوانات، وأحمَلِها للهوان، وأرضاها بالدنايا. والجِيَفُ القذِرةُ المُرْوِحةُ (٢) أحبُّ إليه من اللحم الطري، والعذرةُ أحبُّ إليه من الحلوى. وإذا ظفر بميتة تكفي مائةَ كلب لم يدع كلبًا (٣) يتناول معه (٤) منها شيئًا إلّا عن غلبةٍ وقهرٍ (٥)، لحرصه وبخله وشرهه. ومن عجيب


(١) ت، ع: "أخبثها"، تصحيف.
(٢) أي المنتنة.
(٣) في النسخ المطبوعة بعده زيادة "واحدًا".
(٤) لم يرد "معه" في س، وزيد في ح فوق السطر بخط دقيق.
(٥) في ع تصحف "عن" إلى "عرّ"، وكلمة "غلبة" فيها مهملة، وبعدها "قهره" فأثبت في النسخ المطبوعة: "هَرَّ عليه وقهره". والصواب ما أثبتنا من النسخ الأخرى.