للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مطهَّرة (١)، فما للأرواح الخبيثة عليه سبيل؛ ووجدتَ الآيةَ أخت قوله: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (٢١٠) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ} [الشعراء: ٢١٠ - ٢١١]، ووجدتَها دالّةً بأحسن الدلالة على أنه لا يمسُّ المصحفَ إلا طاهر (٢). ووجدتَها دالّةً أيضًا بألطف الدلالة على أنه لا يجد حلاوته وطعمه إلا مَن آمن به وعمل به، كما فهمه البخاري (٣)

من الآية، فقال في "صحيحه" في باب قوله: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا} [آل عمران: ٩٣]: {لَا يَمَسُّهُ}: لا يجد طعمَه ونفعَه إلا مَن آمن بالقرآن، ولا يحمله بحقِّه إلا المؤمن (٤)، لقوله


(١) في النسخ المطبوعة: "مطهر" خلافًا للنسخ الخطية.
(٢) ذكر المصنف في "التبيان" (ص ٣٣١ - ٣٣٦) عشرة وجوه احتج بها على أن المراد في الآية هو الكتاب الذي بأيدي الملائكة. وساق جملة منها في "المدارج" (٢/ ٣٩٠ - ٣٩١) وعزاها إلى شيخ الإسلام. وقد ذكرها شيخ الإسلام في "شرح العمدة" (١/ ٣٨٣ - ٣٨٤). أما الاستدلال بالآية على أن المصحف لا يمسّه إلا طاهر، فنقل عنه في "التبيان" (ص ٣٣٨) أن "هذا من باب التنبيه والإشارة. وإذا كانت الصحف التي في السماء لا يمسُّها إلا المطهرون، فكذلك الصحف التي بأيدينا من القرآن لا ينبغي أن يمسَّها إلا طاهر. والحديث مشتقٌّ من هذه الآية ... ". وانظر نحو هذا الاستدلال في "شرح العمدة" (١/ ٣٨٤).
(٣) نقل المصنف كلام الإمام البخاري في "التبيان" (ص ٣٤٠) أيضًا، ولكن ليس ذلك من فهم البخاري كما قال. وإنما هو قول بعض المتقدمين من باب الإشارة لا تفسير الآية. وقد عزاه الثعلبي في "الكشف والبيان" (٩/ ٢١٩) والبغوي (٨/ ٢٣) وابن كثير (٤/ ٢٩٩) وغيرهم إلى الفرَّاء، والحق أن الفرّاء حكاه في "معاني القرآن" (٣/ ١٣٠) بلفظ "يقال"، بعد ما نقل تفسير الآية عن ابن عباس ..
(٤) أثبت في المطبوع: "الموقن" خلافًا للنسخ الخطية والمطبوعة، وذكر في التعليق أن التصحيح من "صحيح البخاري". وذهب عليه أن لفظ "المؤمن" الوارد في النسخ هو الثابت في رواية المستملي. انظر: "صحيح البخاري" (٩/ ١٥٥ - الطبعة السلطانية) و"فتح الباري" (١٣/ ٥٠٩).