للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: ومن أين يفهم من قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً} [النحل: ٦٦]، ومن قوله: {فَاعْتَبِرُوا}، تحريمُ بيعِ الكَشْك (١) باللبن، وبيعِ الخَلِّ بالعنب، ونحو ذلك؟

قالوا: وقد قال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشورى: ١٠]، ولم يقل "إلى قياساتكم وآرائكم" ولم يجعل الله آراء الرجال وأقيستها حاكمةً بين الأمة أبدًا.

وقالوا: وقد قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: ٣٦]. فإنما منعهم من الخِيَرة عند حكمه وحكم رسوله، لا عند آراء الرجال وأقيستهم وظنونهم. وقد أمر سبحانه رسوله باتباع ما أوحاه إليه خاصةً، وقال: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} [الأنعام: ٥٠]، وقال: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٩].

وقال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ


(١) في "المغرب" (١/ ٤٠٩): "مدقوق الحنطة والشعير". وفي "المطلع" (١/ ٤٧٣): "هذا المعروف الذي يعمل من القمح واللبن". وفي "المصباح المنير" (٢/ ٥٣٤): "ما يعمل من الحنطة وربما عمل من الشعير". قال الزبيدي في "التاج" (٢٧/ ٣١٤): "قولهم: إنه يعمل من الحنطة، أي: واللبنِ، وينشَّف، ويرفَع. يطبخونه مع اللحم". وانظر: "المجموع شرح المهذب" (١١/ ١٧٨). وقد يطلق على ماء الشعير أيضًا كما في "المحكم" (٦/ ٣٩٨) وغيره. وفي "شمس العلوم" (٩/ ٥٨٤٠): "ماء الشعير يطبخ بخلٍّ أو لبن". وانظر: "تكملة دوزي" (٩/ ٩٨ - ٩٩). والكلمة فارسيَّة. انظر: "برهانِ قاطع" (٣/ ١٦٥١).