للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهُ} [الشورى: ٢١]. قالوا: فدلَّ هذا النصُّ على أنَّ ما لم يأذن به الله من الدين فهو شرعُ غيرِه الباطل.

قالوا: وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ربِّه تبارك وتعالى أنَّ كلَّ ما سكت عن إيجابه أو تحريمه فهو عفوٌ عفا عنه لعباده (١)،

مباحٌ (٢) إباحةَ العفو. فلا يجوز تحريمه ولا إيجابه قياسًا على ما أوجبه أو حرَّمه بجامع بينهما، فإنَّ ذلك يستلزم رفعَ هذا القسم بالكلِّية وإلغاءه؛ إذ المسكوتُ عنه لا بدَّ أن يكون بينه وبين المحرَّم شبه [١٤٥/ب] ووصف جامع (٣)، أو بينه وبين الواجب، فلو جاز إلحاقه به لم يكن هناك قسمٌ قد عُفِي عنه، ولم يكن ما سكَت عنه قد عفا عنه، بل يكون ما سكَت عنه قد حرَّمه قياسًا على ما حرَّمه. وهذا لا سبيل إلى دفعه، وحينئذ فيكون تحريمُ ما سكَت عنه تبديلًا لحكمه، وقد ذمَّ تعالى مَن بدَّل غيرَ القول الذي أُمِر به، فمن بدَّل غيرَ الحكم الذي


(١) رواه الترمذي (١٧٢٦)، وابن ماجه (٣٣٦٧) من حديث سلمان - رضي الله عنه - مرفوعا، واستغربه الترمذي ورجّح وقفه، ونقل ذلك عن الإمام البخاري رحمهما الله.

أما الحاكم، فصححه (٤/ ١١٥). وله شاهد من حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - مرفوعا، رواه البزار في "المسند" (٤٠٨٧)، وقال: "إسنادُه صالحٌ". وصححه الحاكم (٢/ ٣٧٥)، وسنده ضعيف منقطع. ويُنظر: "العلل الكبير" للترمذي (٥١٣)، و"سؤالات البرذعيِّ أبا زرعةَ الرازيَّ" (٣٠٢)، و"العلل ومعرفة الرجال" لعبد الله ابن الإمام أحمد (٣٩٤٨)، و"الضعفاء" للعقيلي (٣/ ٣١ - ٣٣)، و"العلل" لابن أبي حاتم (١٥٠٣)، و"السنن الكبير" للبيهقي (١٠/ ١٢)، و"جامع العلوم والحكم" لابن رجب (٢/ ١٥١ - ١٥٢).
(٢) في النسخ المطبوعة: "يباح".
(٣) في جميع النسخ الخطية: "شبهًا ووصفًا جامعًا"، وهو خطأ.