للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شُرِع له فهو أولى بالذم. وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ من أعظم المسلمين في المسلمين جُرمًا من سأل عن شيء لم يحرَّم، فحُرِّم على الناس من أجل مسألته" (١). فإذا كان هذا فيمن تسبَّب إلى تحريم الشارع صريحًا بمسألته عن حُكمِ ما سكتَ عنه، فكيف بمن حرَّم المسكوتَ عنه بقياسه ورأيه (٢)؟

يوضِّحه: أن المسكوت عنه لما كان عفوًا عفا الله لعباده عنه، وكان البحث عنه سببًا لتحريم الله إياه لما فيه من مقتضى التحريم، لا لمجرَّدِ السؤال عن حكمه، وكان الله قد عفا عن ذلك وسامَح به عبادَه كما يعفو عما فيه مفسدةٌ من أعمالهم وأقوالهم= فمن المعلوم أنَّ سكوته عن ذكرِ لفظٍ عامٍّ يحرِّمه يدل على أنه عفوٌ عنده (٣)، فمن حرَّمه بسؤاله عن علة التحريم وقياسه على المحرَّم بالنصِّ كان أدخلَ في الذمِّ ممن سأل (٤) عن حكمه لحاجته إليه، فحُرِّم من أجل مسألته. بل كان الواجب عليه أن لا يبحث عنه، ولا يسأل عن حكمه، اكتفاءً بسكوت الله عن عفوه عنه؛ فهكذا الواجبُ (٥) أن لا يحرَّم المسكوتُ عنه بغير النصِّ [١٤٦/أ] الذي حرَّم (٦) أصلَه الذي يُلحَق به.


(١) أخرجه البخاري (٧٢٨٩) ومسلم (٢٣٥٨) من حديث سعد بن أبي وقاص. وفيهما: "أعظم المسلمين" دون "من".
(٢) ع: "وبرأيه"، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) في النسخ المطبوعة: "عنه".
(٤) في النسخ المطبوعة: "سأله".
(٥) في النسخ المطبوعة بعده زيادة "عليه".
(٦) ع: "حرَّم الله" بزيادة لفظ الجلالة، وكذا في النسخ المطبوعة.