للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا (١): وقد دلَّ على هذا كتابُ الله حيث يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (١٠١) قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ} [المائدة: ١٠١ - ١٠٢]، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: "ذروني ما تركتُكم، فإنما هلك الذين مِن قبلكم بكثرة سؤالهم (٢)، واختلافهم على أنبيائهم. فإذا نهيتُكم عن شيءٍ فاجتنبوه، وإذا أمرتُكم بشيء فَأْتُوا منه ما استطعتم" (٣). فأمَرهم أن يتركوه من السؤال ما تركهم. ولا فرق في هذا بين حياته وبعد مماته، فنحن مأمورون أن نتركه - صلى الله عليه وسلم - وما نصَّ عليه، فلا نقول له: لِمَ حرَّمتَ كذا؟ لِنُلحِق به ما سكتَ عنه. بل هذا أبلغ في المعصية من أن نسأله عن حكمِ شيءٍ لم يحكُم فيه، فتأمَّلْه فإنه واضح.

ويدل عليه قوله في نفس (٤) الحديث: "وإذا نهيتُكم عن شيء فاجتَنِبوه، وإذا أمرتُكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم". فجعل الأمور ثلاثة، لا رابع لها: مأمورٌ به، فالفرضُ عليهم فعلُه بحسب الاستطاعة. ومنهيٌّ عنه، ففرْضٌ (٥) عليهم اجتنابُه بالكلِّيَة. ومسكوتٌ عنه، فلا تتعرَّضوا (٦) للسؤال والتفتيش عنه.


(١) قارن بكتاب "الإحكام" (٨/ ١٤ - ١٦).
(٢) ع: "مسائلهم"، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) لفظ "نفس" ساقط من ت.
(٥) كذا مضبوطًا في س. وهو ساقط من ح، ف. وفي ع: "فالفرض"، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٦) في النسخ المطبوعة: "يتعرض".