للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القياس. وتفريقكم بأن هذا عتقٌ صدر عن إكراه، والإكراه لا يمنع صحة العتق؛ وذاك بيعٌ صدر عن إكراه، والإكراه يمنع صحة البيع= لا يصح، لأنه إنما أُكرِه على التمليك، ولم يكن للمُكرَه غرض في [١٨٤/ب] الإعتاق، والتمليك لم يصح، والعتق لم يُكرَه عليه، فلا ينفذ كالبيع سواء.

هذا مع أنكم تركتم القياس في مسألة الإكراه على البيع والعتق، فصحَّحتم العتق دون البيع. وفرَّقتم بأن العتق لا يدخله خيار، فصحَّ مع الإكراه كالطلاق؛ والبيع يدخله الخيار، فلم يصحَّ مع الإكراه. وهذا فرقٌ لا تأثير له. وهو فاسد في نفسه، فإن الإقرار والشهادة والإسلام لا يدخلها خيار، ولا تصح مع الإكراه. وإنما امتنعت عقود المكرَه (١) من النفوذ، لعدم الرضى الذي هو مصحِّح العقد، وهذا (٢) أمر تستوي فيه عقوده كلُّها: معاوضتها (٣) وتبرعاتها، وعتقه وطلاقه وخلعه وإقراره. وهذا هو محض القياس والميزان، فإن المكرَه محمول على ما أُكرِه عليه غيرُ مختار له، فأقواله بمنزلة (٤) أقوال النائم والناسي، فاعتبار بعضها وإلغاء بعضها خروج عن محض القياس. وبالله التوفيق.

وقلتم: لو وقع في الغدير العظيم ــ الذي إذا حُرِّك أحدُ طرفيه تحرَّك الآخرُ (٥) ــ قطرةُ دم أو خمر أو بول آدمي نجَّسه كلَّه. وإذا وقع في آبار


(١) ح: «الكره».
(٢) في النسخ المطبوعة: «وهو».
(٣) في المطبوع: «معاوضاتها».
(٤) «بمنزلة» ساقط من ع، ومن هنا جاء ــ فيما يبدو ــ في النسخ المطبوعة: «كأقوال».
(٥) في المطبوع: «إذا حُرِّك ... » وفي الطبعات السابقة: «إذا تحرَّك ... لم يتحرك الطرف الآخر». والصواب ما أثبت من النسخ.