للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتَرَشْرش (١) على حيطانها تنجَّست حيطانها، وكلما نُزِح منها شيء نبع مكانَه شيءٌ، فصادف ماءً نجسًا وطينًا نجسًا. فإذا وجب نزحُ أربعين دلوًا مثلًا، فنُزِح تسعة وثلاثون= كان المنزوح والباقي كلُّه نجسًا، والحيطانُ التي أصابها الماء، والطينُ الذي في قرار البئر؛ حتَّى إذا نُزح الدلو الأربعون قَشْقَش (٢) النجاسةَ كلَّها، فطهَّر الطينَ والماءَ وحيطانَ البئر، وطهَّر نفسَه، فما رُئي أكرَمُ من هذا الدلو ولا أعقَل ولا أخْيَر! (٣).

فصل

وقالت الحنابلة والشافعية (٤): [١٨٥/ب] لو تزوَّجها على أن يحجَّ بها لم تصحَّ التسمية، ووجب مهرُ المثل. وقاسوا هذه التسمية على ما إذا تزوَّجها على شيء لا يُدرى ما هو. ثم قالت الشافعية: لو تزوَّج الكتابية على أن يعلِّمها القرآنَ جاز. وقاسوه على جواز إسماعها إياه، فقاسوا أبعد قياس، وتركوا محض القياس، فإنهم صرَّحوا بأنه لو استأجرها ليحملها إلى الحج جاز، ونزلت الإجارة على العُرف؟ فكيف صحَّ أن يكون موردًا لعقد


(١) يعني: فتطاير الماء. وفي س، ع: «فرشرش»، وكذا في المطبوع.
(٢) كذا جاءت هذه الكلمة في النسخ، وستأتي مرتين أخريين في سياق المسألة نفسها في هذا الكتاب، وكذلك في «بدائع الفوائد» (٣/ ١٠٥٩). ويظهر من السياق أنها بمعنى أزَال، أما معناها في كتب اللغة، فيقال: تقشقش من مرضه: تهيأ للبرء أو برأ. وقشقش الهناءُ الجَرَبَ: هيأه للبرء.
(٣) في «بدائع الفوائد»: «قال الجاحظ: ما يكون أكرم أو أعقل من هذا الدلو!». وانظر نسبة هذا القول إلى الجاحظ في «الحاوي الكبير» للماوردي (١/ ٣٣٨) و «الانتصار» لأبي الخطاب (١/ ٥٣٤) و «عارضة الأحوذي» (١/ ٨٦).
(٤) ع: «وقالوا»!