للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصحيح ما دلَّت عليه النصوص ــ وهو مقتضى القياس الصحيح، وما عداه فمناقض للنص والقياس ــ: أن (١) الجميع يُضمَن بالمثل تقريبًا. وقد نصَّ الله سبحانه على ضمان الصيد بمثله من النعم. ومعلوم أن المماثلة بين بعير وبعير أعظم من المماثلة بين النعامة والبعير، وبين شاة وشاة أعظم منها بين طير وشاة. وقد ردَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بدل البعير الذي اقترضه مثلَه دون قيمته، وردَّ عوضَ القَصْعة التي كسرتها بعضُ أزواجه قصعتَها (٢) نظيرَها، وقال: «إناء بإناء، وطعام بطعام» (٣)؛ فسوَّى بينهما في الضمان. وهذا عين العدل، ومحض القياس، وتأويل القرآن.

وقد نصَّ الإمام أحمد على هذا في «مسائل إسحاق بن منصور» (٤). قال إسحاق: قلت لأحمد: قال سفيان: من كسر شيئًا صحيحًا فقيمته صحيحًا. قال أحمد: إن كان يوجد مثلُه، فمثلُه. وإن كان لا يوجد مثلُه، فعليه قيمته.

ونصَّ عليه أحمد في رواية إسماعيل بن [١٩٤/ب] سعيد، فقال: سألتُ أحمد عن الرجل يكسر قصعةً لرجل (٥)، أو عصاه، أو يشقُّ ثوبًا لرجل. قال:


(١) في النسخ المطبوعة: «لأن»، ولعله تصرف من بعض الناشرين.
(٢) في المطبوع: «بقصعة»، ولم يذكر مصدر ما أثبت. والصواب ما أثبتناه من النسخ الخطية، وكذا في الطبعات السابقة.
(٣) رواه أحمد (٢٥١٥٥، ٢٦٣٦٦)، وأبو داود (٣٥٦٨)، والنسائي (٣٩٥٧) من حديث عائشة - رضي الله عنها -. وفي سنده جسرة بنت دجاجة، قال البخاري في «التاريخ الكبير» (٢/ ٦٧): «وعند جسرة عجائب».
(٤) (٦/ ٢٨٧٢).
(٥) في النسخ المطبوعة: «الرجل».