للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزبية ليس للرابع فعلٌ البتة، وإنما هو مفعول به محض، فله كمال الدية. والثالث فاعل ومفعول به، فأُلغي ما يقابل فعلَه واعتُبر فعلُ الغير به، فكان قسطه نصف الدية. والثاني كذلك إلا أنه جاذب لواحد، والمجذوبُ جاذبٌ لآخر؛ فكان الذي حصل عليه من تأثير الغير فيه ثلثُ السبب، وهو جذبُ الأول له، فله ثلث الدية. وأما الأول فثلاثة أرباع السبب من فعله، وهو سقوط الثلاثة الذين سقطوا بجذبه مباشرةً وتسبُّبًا، وربعُه من وقوعه بتزاحم الحاضرين، فكان حظُّه ربع الدية.

وهذا أولى من تحميل عاقلة القتيل ما يقابل فعله، ويكون لورثته. وهذا هو خلاف القياس، لأن الدية شُرِعت مواساةً وجبرًا، فإذا كان الرجل هو القاتلَ لنفسه أو مشاركًا في قتله لم يكن فعلُه بنفسه مضمونًا، كما [٢٧٠/ب] لو قطَع طرفَ نفسه أو أتلفَ مال نفسه. فقضاءُ عليٍّ أقرب إلى القياس من هذا بكثير.

وهو أولى أيضًا من أن يُحمَل فعلُ المقتول على عواقل الآخرين، كما قاله أبو الخطاب في مسألة المنجنيق: أنه يلغى فعلُ المقتول في نفسه، وتجب ديته بكمالها على عاقلة الآخرين نصفين. وهذا أبعد عن القياس مما قبله، إذ كيف تتحمل العاقلة والأجانب جناية الإنسان على نفسه، ولو تحملتها العاقلة لكانت عاقلته أولى بتحمُّلها. وكلا القولين يخالف القياس، فالصواب ما قضى به أمير المؤمنين - رضي الله عنه -.

وهو أحسن أيضًا (١) من تحميل دية الرابع لعاقلة الثالث، وتحميل دية الثالث لعاقلة الثاني، وتحميل دية الثاني لعاقلة الأول، وإهدار دية الأول


(١) ع: «أيضًا أحسن»، وكذا في النسخ المطبوعة.