للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: فهلا جعلتم الولد في الدين تابعًا لمن له النسب، بل ألحقتموه بأبيه تارةً وبأمه تارةً!

قيل: الطفل لا يستقلُّ بنفسه، بل لا يكون إلا تابعًا لغيره. فجعله الشارع تابعًا لخير أبويه في الدين تغليبًا لخير الدِّينَين، فإنه إذا لم يكن له بدٌّ من التبعية لم يجُز أن يتبع مَن هو على دين الشيطان، وتنقطع تبعيته عمن هو على دين الرحمن؛ فهذا محال في حكمة الله تعالى وشرعه.

فإن قيل: فاجعلوه تابعًا لسابيه في الإسلام وإن كان معه أبواه أو أحدهما، فإن تبعيته لأبويه قد انقطعت، وصار السابي (١) أحقَّ به.

قيل: نعم، وهكذا نقول سواء. وهو قول إمام أهل الشام عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، ونصَّ عليه أحمد، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية (٢). وقد أجمع الناس على أنه يُحكَم بإسلامه تبعًا لسابيه إذا سُبي وحده. قالوا: لأن تبعيته قد انقطعت عن أبويه وصار تابعًا لسابيه.

واختلفوا فيما إذا سُبي مع أحدهما على ثلاثة مذاهب (٣):

أحدها: يُحكَم بإسلامه. نصَّ عليه أحمد في إحدى الروايتين، وهي المشهورة من مذهبه. وهو قول الأوزاعي.

والثاني: لا يحكم بإسلامه، لأنه لم ينفرد عن أبويه.


(١) في النسخ المطبوعة بعده زيادة: «هو».
(٢) انظر: «مختصر الفتاوى المصرية» (ص ٥٠٥).
(٣) انظر: «المغني» (١٣/ ١١٢).