للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثالث: أنه إن سُبي مع الأب تبعه في دينه. وإن سُبي مع الأم وحدها فهو مسلم. وهو قول مالك.

وقول الأوزاعي وفقهاء الثغر (١) أصح وأسلم من [٢٧٥/ب] التناقض، فإن السابي قد صار أحقَّ به، وقد انقطعت تبعيته لأبويه، ولم يبق لهما عليه حكم. فلا فرق بين كونهما في دار الحرب، وبين كونهما أسيرين في أيدي المسلمين. بل انقطاعُ تبعيته لهما في حال أسرهما وقهرهما وإذلالهما واستحقاق قتلهما أولى من انقطاعها حال قوة شوكتهما وخوف معرَّتهما. فما الذي يسوِّغ له الكفر بالله والشرك به وأبواه أسيران في أيدي المسلمين، ومنعَه من ذلك وأبواه في دار الحرب؟ وهل هذا إلا تناقض محض؟

وأيضًا، فيقال لهم: إذا سُبي الأبوان ثم قُتلا، فهل يستمرُّ الطفل على كفره عندكم، أو تحكمون بإسلامه؟ فمن قولكم: أنه يستمر على كفره كما لو ماتا. فيقال: وأيُّ كتاب أو سنة أو قياس صحيح أو معنى معتبر أو فرق مؤثِّر بين أن يُقتلا في حال الحرب أو بعد الأسر والسبي؟ وهل يكون (٢) المعنى الذي حُكم بإسلامه لأجله إذا سُبي وحده زائلًا بسبائهما ثم قتلهما بعد ذلك؟ وهل هذا إلا تفريق بين المتماثلين؟

وأيضًا فهل تعتبرون وجود الطفل والأبوين في ملك سابٍ واحدٍ، أو يكون معهما في جملة العسكر؟ فإن اعتبرتم الأول طولبتم بالدليل على ذلك. وإن اعتبرتم الثاني، فمن المعلوم انقطاعُ تبعيته لهما واستيلائهما عليه، واختصاصُه بسابيه، ووجودُهما بحيث لا يُمَكَّنان منه ومن تربيته وحضانته.


(١) في النسخ المطبوعة: «أهل الثغر» بزيادة كلمة «أهل».
(٢) «يكون» ساقط من ح، ف.