للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحافظات هو تفسير صالحات.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بِمَا حَفِظَ اللَّهُ)

اختلف في تلاوته وتأويله؛ في حرف بعضهم بالنصب (بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) وتأويله: بحفظ اللَّه، لكنه نصب لسقوط حرف الخفض، ومن رفعه جعل تأويله: بما استحفظهن اللَّه تعالى، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ).

قال بعض أهل الأدب: سمي العلم خوفًا؛ لأنه اضطر في العلم.

وقال آخر -وهو الفراء-: الخائف: الظان؛ لأنه يرجو ويخاف.

وأما الأصل في أنه سمي العلم خوفا؛ لغلبة شدة الخوف؛ فيعمل عمل العلم بالشيء على غير حقيقته؛ لأنه يعرف بالاجتهاد، وبأكثر الرأي والظن، وهكذا كل ما كان سبيل معرفته الاجتهاد - فإن غالب الظن وأكبر الرأي يعمل عمل اليقين في الحكم ديان لم يكن هنالك حقيقة؛ ألا ترى إلى قوله تعالى -: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ)، وألزمنا العمل بظاهر علمنا وإن لم نصل إلى حقيقة إيمانهن؛ فعلى ذلك إذا علم منها النشوز علم أكثر الظن وأغلبه يعمل عمل الذي ذكر في الآية من العظة وغيرها؛ لأن قوله - تعالى -: (تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ) ليس على وجود النشوز منها للحال حقيقة؛ ولكن على غالب الظن؛ لأنها إذا كانت ناشزة كيف يعظها؛ وكيف يهجرها ويضربها؛ فدل أنه على غالب العلم؛ أولا ترى أنه من أكره على أن ينطق بكلام الكفر بقتل أو ضرب يخاف منه التلف - كان في حل وسعة أن ينطق به بعد أن يكون قلبه مطمئنا بالإيمان، وذلك إنما يعلم علم غالب الظن، وأكبر الرأي لا يعلم علم حقيقة، ثم أبيح له أن يعمل عمل حقيقة العلم؛ فكذلك الأول - واللَّه أعلم - نهى اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - المرأة عن عصيان زوجها، وأمرها بطاعته في نفسها، كما أمره أن يحسن عشرتها، وهذا هو - والله أعلم - هو الحق الذي ذكره اللَّه - تعالى - في سورة البقرة مجملا بقوله - تعالى -: (وَلَهُنَّ

.

<<  <  ج: ص:  >  >>