للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)، وفسر الحق عليهن في هذه السورة وهو أن تطيعه في نفسها، وتحفظ غيبته؛ ألا ترى أنه قال - تعالى -: (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا).

وروي عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " حَق الزوجِ عَلَى امْرَأَتِهِ إنْ دَعَاهَا وَهِي عَلَى قَتَبٍ أَنْ تُطِيعَهُ ".

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَعِظُوهُنَّ)

عن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: عظوهن بكتاب اللَّه (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ) أي رجعن إلى الفراش والطاعة، وإلا فاهجروهن، والهجران ألا يجامعها، ولا يضاجعها على فراشه، ويوليها الظهر، فإن قبلت وإلا فقد أذن اللَّه لك أن تضربها ضربًا غير مبرِّح، ولا تكسر لها عظمًا، فإن قبلت وإلا فقد حل لك منها الفداء.

ويحتمل قوله - تعالى -: (فَعِظُوهُنَّ): يقول لها: كوني من الصالحات، ومن القانتات، ومن الحافظاتْ، ولا تكوني من كذا، على الرفق واللين؛ فإن هي تركت ذلك وإلا فاهجرها، والهجران يحتمل وجهين:

يحتمل التخويف على الاعتزال منها، وترك المضاجعة والجماع.

ويحتمل: أن يهجرها ولا يجامعها، لا على التخويف من ترك ذلك؛ فإن هي تركت ذلك وإلا ضربها عند ذلك الضرب الذي ذكرنا غير مبرِّح، ولا شائن، واللَّه أعلم.

على الترتيب: يعظها أولا بما ذكرنا من الرفق بها واللين لعلها تطيعه وتترك ذلك، ثم إذا لم تطعه خوفها بالهجران؛ فلعل قلبها لا يحتمل الهجران وترك المضاجعة؛ فتطيعه؛ فإن هي أبت ذلك حينئذ هجرها، ولم يجامعها ولا يضاجعها؛ فإن هي أطاعته وإلا عند ذلك ضربها؛ فإن هي أطاعته وإلا فعند ذلك يرفعان إلى الحاكم، وهذا يجب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: يعظه على الرفق واللين أولا، ولا يغلظه في القول؛ فإن هو قبل ذلك وإلا عند ذلك غلظ القول به؛ فإن قبل ذلك وإلا بسط يده فيه على ما أمر اللَّه - سبحانه وتعالى - الأزواج أن تعامل النساء من العظة، ثم الهجران، ثم الضرب، ثم الرفع إلى الحكمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>