فرقتما، قالت المرأة: رضيت بكتاب اللَّه، قال الرجل: أما الفرقة فلا؛ فقال على - رضي اللَّه عنه -: كذبت، واللَّه لا تنفلت مني حتى تقر كما أقرت.
أخبر علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن فرقة الحكمين إنما تجب برضا الزوجين، فلو كانت فرقتهما تجوز بغير رضا الزوجين - لم ينظر إلى سخط الزوج في الفرقة، ولقال علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - للحكمين: فرقا إن رأيتما ذلك، كره الزوج أو رضي.
وفي قوله -أيضًا- (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا) أي: علمتم؛ إذ حق ذلك أن يجتهد في الحال بينهما فيعلم على الغالب، وللغالب حق العلم في الأعمال، وحق الريب في الشهادة، فذكر باسم الخوف على ما فيه من علم العمل، على أن في ظاهر الآية التفرق في المنزل حتى يبعث عن أهل كل واحد منهما ولو كانا في منزل واحد، فحقه أن يجمع بين الحكمين، لا أن يبعثا بذلك؛ يدل على ظهور الخلاف والشقاق، واللَّه أعلم.
قال: وأمر الحكمين بالإصلاح بين الزوجين، وهو الأمر الذي أمر بين جميع المؤمنين من قوله:(وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ)، وقوله:(وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ)، الآية، وقوله:(لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ) الآية، وذلك في حق التأليف وما به تمام الأخوة بقوله:(فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ)، لا بما يضر به أهله، ويوجب التفريق بينهم والتباغض، وعلى ذلك أمر الحكمين في النكاح، واللَّه أعلم.