للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في البدن.

على أن الآية فيما أمر بالإحسان إلى جميع من ذكر قد يصير ذلك حقا يلزم بحال، فمثله حق الجوار، وذلك لا يعرف غير حق الشفعة، وقد جاءت به الآثار، وثوارث المسلمون في ذلك الطلب والاحتيال في الصرف والمنع؛ فبان أن الحق به ظاهر لا يحتمل الخفاء، مع ما لا يشك من القوام عن ذلك إلا وعنده حظ من العلم فيه لا يوجد مثله بشيء من الحقوق في غير أملاك المحقين، هذا البيان والظهور ثبت أن أمره كان معروفًا في الأمة حتى جرى به التوارث.

ثم هذا النوع من العلم لا يحتمل انتشاره ونيله بالرأي؛ فصار كسنة ظاهرة، لها حق التواتر مع ما يستغنى عن روايته، واللَّه أعلم.

ثم اعلم أن الناس على اختلافهم متفقون على وجوب حق الشفعة بحق الشرك فيما يحتمل القسمة، وأما أن يجب بحق القسمة، فيجب ذلك في كل محتمل القسمة، وذلك مما يأباه الجميع، أو يجب بما جعل من حق الجوار الذي جاء به الكتاب، وجرت به السنة، أو بما جعل من تأذي بعض الجيران ببعض، والأمر بالمعروف في الخلق من الاستخبار عن أحوال الجيران قبل تأمل الدور وتفاوت القيم باختلاف الجيران بما في ذلك من المؤن والمضار، وأي هذين كان فالشفعة واجبة بالجوار؛ لأنهما أمران لا يسلم عنهما على ثبات الجوار؛ فيجب به الشفعة مع ما أمكن الجمع بين الآثار بما لا يحتمل تسمية الشريك جارًا من حيث الشرك لوجهين:

أحدهما: قوله - تعالى -: (وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ)، لم يجعل الأرض من حيث الأرض متجاورة حتى أثبت لها القطع؛ فأوجب بالقطع التجاور مع ما كان الجوار في اللغة اسمًا للتقارب والالتصاق، لا لتداخل معروف، ذلك عند من تأبى نفسه مكابرة المعارف.

والوجه الآخر: ما لا يسمي الشركاء في عين العرصات جيرانًا، ثبت أن ذلك ليس من

<<  <  ج: ص:  >  >>