وكذلك في قيام رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لإظهار هذا الدِّين من غير اتباع كان له، أو ملك، أو فضل سعة - دليل أنه كان بنصر اللَّه أظهر، ويعوذه به جميع هذا الخلق على دينه.
أحدهما: المحاجة: أن كيف يحسدون محمدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وأتباعه من آل إبراهيم وأولاده بما خصهم به من فضله، ولم يزل ذلك في آل إبراهيم، ولم يكونوا حسدوهم.
وعلى هذا قوله - تعالى -: (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ) أي: بمُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أو بكتابه الذي أنزل عليه.
والثاني: أن يكون على التصبير على أذاهم الذي كان منهم بالحسد مما كان هذا فيمن تقدمه من آل إبراهيم، ومن فضله، ومن الحساد لهم في ذلك، والمؤذين لهم، فصبروا، ولم يكافئوهم؛ نحو قوله - تعالى -: (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ): أي: بإبراهيم - عليه السلام - أو بما أنزل إليه، أو آله، واللَّه أعلم.
الأصل في اختلاف التأويل الآية واحدة فيما يجب في ذلك من الحق أنه على أقسام:
أحدها: أنه يتسع الكل.
ويحتمل: دخول الكل في المراد.
ويحتمل: إرادة البعض؛ فإن كان ذلك مما يجب العمل به يلزم طلب الدليل على الموقع للمراد، فإن وجد من طريق الإحاطة شهد عليه بالمراد، وإن لم يوجد عمل به على حسب الإذن في العمل به بالاجتهاد من غير الشهادة عليه أنه المقصود لا غير، واللَّه أعلم.
وإن كان ذلك مما لا يجب العمل به وإنما حقه الشهادة، يشهد به على ما هو في الحكمة وجوب تلك الشهادة من غير أن يقضي على الآية بقصد ذلك إذا كانت بحيث تتسع له ولغيره؛ نحو القول بأنه سميع عليم على إثر أمورهم من أدلة الخصوص، لو