للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الأمة، وللتنازع أمر بالرد؛ فبعيد أن يرد إلى ما لم يثبت صحته، بل في الظاهر وجه في ظاهر الاسم باللسان، والظاهر من التفاهم في المعتاد؛ نحو القول بأن اغسلوا وجوهكم، أنه بأي شيء غسل يستحق اسم الغسل في اللغة، لكن لما يغسل به عادة في الاستعمال إلى ذلك ينصرف الخطاب، ويصير الظاهر في المعتاد به أولى من الظاهر في اللسان، ويكون في ذلك منع الذي ذكر حتى يوضحه دليل، أو يعلم أنه المعتاد؛ فيكون ذلك دليلًا، واللَّه أعلم.

ثم لا يحتمل التنازع فيما فيه المعتاد من التفاهم والعدول عنه إلا بدليل؛ فيجب القول لمن عدل إن كان عنده دليل؛ فيكون بما يوجب العمل منع، واللَّه أعلم.

ثم قيل في قوله - تعالى -: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) بأوجه ثلاثة:

(أَطِيعُوا اللَّهَ) - تعالى - فيما أمر، والرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فيما بلغ، وأطيعوا اللَّه فيما فرض، والرسول فيما سَنَّ، وأطيعوا اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - فيما أنزل ونص، والرسول فيما بَيَّنَ.

والأصل في معهود اللسان: أن الطاعة تكون في الائتمار، فرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مطاع في جميع ما أمر، لازم طاعته في ذلك وأمره -إذا ثبت أنه أمره- هو أمر اللَّه - تعالى - وطاعته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - طاعة اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - وله يجب به ظهور الخصوص والعموم والتناسخ جميعًا، وبه تبين الفرض والأدب وكل نوع، وما يظهر، فباللَّه - تعالى - ظهر على لسانه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: كتابًا كان، أو تنزيلا كان، أو تأويلاً، فالتقسيم بين الذي لله - عَزَّ وَجَلَّ - والذي لرسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يوجب الشبهة، وَتَوَهُّم الاختلاف، جل اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - أن يبعث رسولا يخالفه، وباللَّه المعونة والتوفيق.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)

يحتمل قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) أي: ذلك الرد خير إلى ما ذكر.

ويحتمل: (ذَلِكَ خَيْرٌ) أي: الائتلاف فيما أمكن فيه خير من الاختلاف وأحمد.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) أي: عاقبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>