للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليها.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ)

فلم يذكر في القاتل أنه مؤمن عند ذكر قتله، لكنه رجع إليه بوجهين:

أحدهما: أن الآية في بيان قتل يكون من المؤمن، وعليها جرى تفسير الحكم عند الوقوع.

والثاني: قوله: (تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ) والتوبة بالتحرير تكون للمؤمن لا غيره، والله أعلم.

على أنه حق الشرع من العبادات؛ فلا يحتمل قصد الكافر به، وأيد ذلك المذكور من الصيام، وهو لا يقوم إلا بالإيمان، ثم جعل الإيمان شرطا من حيث الذكر، وتأكده بأوجه ثلاثة:

أحدها: بالتأكيد، يذكر كل قتيل على اختلاف أهل القتيل، وفي ذلك دليل أن ذلك جعل عليه لمكان أمر يدخل على دينه مما عليه من الحق أن يحفظ حرمته، وبحرمته يتقي قتل من ذكر؛ إذ حرم دينه عليه؛ فيصير في قتله مُضَيعًا، فالزم ما ذكرت في كل أنواع القتيل لرجوع أمر ذلك كله إلى تضييع من حق دينه؛ ولذلك قيل: (تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ) وذلك يخرج على وجهين:

أحدهما: أن تحقيق معنى التوبة في فعل اللَّه، وذلك يخرج على وجهين:

أحدهما: على ما تجاوز منه؛ إذ لم يأخذه بالخطأ؛ فيكون بحق جعل ذلك شكرا من العبد بما لم يؤاخذه بالخطأ؛ فيكون معنى التوبة منه أنه لم يؤاخذه بالخطأ، لا إن في الإعتاق ذلك، والإعتاق للشكر له فيما لم يكن أخذه، وقد يجوز أن يؤاخذه لما بالجهد في التحفظ قد يؤمن ذلك، فلما لم يكلفه وتجاوز عما كان على الخطأ؛ يأمر بالشكر لذلك.

والثاني: قبولا منه ذلك في حق التوبة عن غير القتل من الزلات؛ فيكون فيه قيام بما أمر توخيه في حكمة العفو عن مثله، بجعل ذلك من العبد مقبولا بحق التوبة من الزلات.

أو نُسب إلى التوبة منه إذا كان على التوفيق لفعله، وذلك تسمية اللَّه " توابًا " على التوفيق والتجاوز، واللَّه أعلم.

والثاني: يرجع إلى فعل العبد؛ فتكون توبة من اللَّه على عبده القاتل بأن يتوب بإعتاق

<<  <  ج: ص:  >  >>