للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِنْ خِفْتُمْ. . .) الآية، وقد ذكرنا أن القصر يحتمل وجوهًا:

يحتمل: القصر للضرب في الأرض، وهو القصر في عدد الركعات.

ويحتمل القصر للمرض والخوف، فهو قصر الإيماء، فنحن نأخذ بذلك كله على اختلاف الأحوال؛ فعلى ذلك قوله: (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ) يحتمل الوجوه التي ذكرنا، أي: اذا اطماننتم صرتم أصحاء؛ فصلوا كذا صلاة الأصحاء.

ويحتمل: (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ): أمنتم من الخوف؛ فصلوا كذا.

ويحتمل -أيضًا-: (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ) إذا رجعتم وأقمتم، فصلوا صلاة المقيمين أربعًا؛ فهذا - واللَّه أعلم - على ما ذكرنا مقابل قوله: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ. . .) الآية.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) أي: مفروضا، وهو قول ابن عَبَّاسٍ.

وقيل: (كِتَابًا مَوْقُوتًا) أي: لها وقت كوقت الحج، وهو قول ابن مسعود، رضي اللَّه عنه.

وقيل: (كِتَابًا مَوْقُوتًا): محدودا، فنحن نقول بهذا كله، نقول: إنها مفروضة، موقوتة، محدودة؛ على ما قيل، واللَّه أعلم.

والآية ترد على من يقول بأن على الكافر الصلاة؛ لأنه أخبر أنها كانت على المؤمنين كتابًا موقوتا، وهم يقولون: على الكافرين والمؤمنين، لكنها كتبت على المؤمنين فعلا، وعلى الكافرين قولا؛ هذا - واللَّه أعلم - معنى قوله: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا)، أي: فعلها على المؤمنين كتابا موقوتا.

ثم يحتمل قوله: (كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) أي: لم تزل هي كانت كتابًا موقوتًا على الأمم السالفة، لا أن هذه الأمة خصت بها؛ كقول إبراهيم - عليه السلام -: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي)، وكقول عيسى - عليه السلام -: (وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ. . .)، وكقول موسى - عليه السلام -: (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ).

<<  <  ج: ص:  >  >>