للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويحتمل قوله - تعالى -: (كانَتْ)، أي: الصلوات صارت (عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) بعد أن لم تكن. وكل ذلك محتمل، ولكن لا نشهد على اللَّه أنه أراد كذا، وكذلك في قوله - تعالى -: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ).

وقوله - تعالى -: (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ) نتأول فيه ونعمل فيه بالوجوه كلها على اختلاف الأحوال؛ لاحتماله الوجوه التي ذكرنا؛ فلا نقطع القول فيه، ولا نشهد على اللَّه أنه أراد كذا، وهكذا السبيل في جميع المجتهدات أن نعمل بها، ولا نشهد على اللَّه أنه أراد ذا أو أمر بذا، وباللَّه التوفيق.

ذكر اللَّه - تعالى - ما بَيَّنَ فرض الصلاة ووجوبها في غير موضع من كتابه، منها الآية التي ذكرناها، ومنها قوله - تعالى -: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)، وقوله - تعالى -: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ)، ولم تدل هذه الآيات على كيفية الصلاة وعددها؛ إنما دلت على وجوبها ولزوم فرضها، ودلت آيات أخر على عددها وجمل أوقاتها؛ قال اللَّه - سبحانه وتعالى -: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا)، فهذه ثلاثة أوقات ذكر اللَّه - تعالى - فيهن ثلاث صلوات، روي عن مجاهد، عن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: سالته عن قول اللَّه - تعالى - (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ. . .)؛ قال: إذا زالت الشمس عن بطن السماء، لصلاة: الظهر (إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ) وقال: بذا صلاة المغرب.

وعن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: (لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) قال: دلوكها: زيغها بعد نصف النهار، وهو وقت الظهر.

وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: دلوكها: زوالها.

<<  <  ج: ص:  >  >>