للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ. قيل: خص هو بهذين الوجهين اللذين ذكرتهما في الخلة.

وقيل: إنه اتخذه خليلا؛ لأنه كان يعطي ولا يأخذ، وكان يحب الضيف، وكان لا يأكل وحده وإن بقي طويلا، واللَّه أعلم بذلك.

وأصل الخلة ما ذكرنا من الكرامة والمنزلة؛ لأن من يحب آخر يبره ويكرمه، ومن لا يحبه يعادهِ، ويظهر له الجفاء، ولا قوة إلا باللَّه.

واختلف في المعنى الذي وصف إبراهيم - عليه السلام - بالخلة أنه خليل اللَّه:

فقد قيل: بما سخت نفسه في بذل كل لذة من لذات الدنيا لله، وله تَبَوِّء في مكان إتيان الأضياف وأبناء السبيل، وكان لا يأكل وحده، وكانت عادته التقديم بكل ما يتهيأ له عند نزول الأضياف عليه، والابتداء بذلك قبل كل أمر، والقيام للأضياف مع عظم منزلته؛ أيد ذلك أمر الملائكة الذين جاءوه بالبشارة، واللَّه أعلم.

وقيل: إنما امتحنه اللَّه بأمور فصبر عليها؛ نحو النار أُلقى فيها لله، وذبح الولد، والهجرة مرتين، وبذل الأهل والولد للَّهِ، حيث لا ضرع، ولا زرع، ولا ماء، وغير ذلك مما أكرمه اللَّه - تعالى - بالثناء عليه: بوفاء ما امتحن، وإتمام ما ابتلي من قوله: (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى)، وفي قوله - تعالى -: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ).

ويحاج فرعونه وجميع قومه، ويجادلهم فيمن يعبدونهم، فغلبهم، وألزمهم حجة اللَّه، وغير ذلك من وجوه المحن.

وقيل: بما به كان بدء البيت الذي جعله اللَّه قيامًا للناس، ومأمنًا للخلق، ومثابًا لهم ومنسكًا؛ فعظم شأنه فيما بالخلق إليه حاجته في أمر الدِّين؛ وعلى ذلك أكرمه اللَّه - تعالى - بميل القلوب إليه، وإظهار التدين بدينه من جميع أصناف أهل الأديان، واللَّه

<<  <  ج: ص:  >  >>