عن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال:(وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ)، أي: ذبائحهم حل لكم، وذبائحكم حل لهم. إلى هذا حمل أهل التأويل، فَإِنْ قِيلَ: أليس جعل ذبائحنا محللة لهم وذبائحهم محللة لنا، ثم تحل ذبائحنا لهم ولغيرهم؟ كيف لا حل ذبائحهم وذبائح غيرهم، وهو ذبائح المجوس؟ قيل: حل الذبائح شرعي، وليس للمجوس كتاب آمنوا به؛ فتحل ذبائحهم، وأما أهل الكتاب، فإنهم آمنوا بما في الكتاب، حله وحرمته؛ لذلك افترقا، واللَّه أعلم.
والآية على قول أصحاب العموم توجب حل جميع طعام أهل الكتاب لنا وحل جميع طعامنا لهم؛ لأنه قال:(وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ)؛ فعلى قولهم لكل واحد من الفريقين أن يتناول طعام الفريق الآخر؛ دل على أن مخرج عموم اللفظ لا يوجب الحكم عافَا للفظ، واللَّه أعلم.
قَالَ بَعْضُهُمْ:(وَالْمُحْصَنَاتُ) أراد به الحرائر.
وقال آخرون: أراد به العفائف منهن غير زانيات؛ كقوله - تعالى -: (الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً)، نهى عن نكاح الزانيات، ورغب في نكاح العفائف، وهذا أشبه من الأول؛ لأنه قال في آخر الآية:(مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ)؛ دل هذا على أنه أراد بالمحصنات: العفائف منهن لا الحرائر، ودلت الآية على حل نكاح الحرائر من الكتابيات، وعلى ذلك اتفاق أهل العلم، لكن يكره ذلك.
روي عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه كره تزوجهن، فهذا عندنا على غير تحريم