منه لتزويجهن، ولكن رأى تزويج المسلمات أفضل وأحسن؛ لمشاركتها المسلم في دينها.
وروي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كراهة ذلك؛ وذلك لأن حذيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تزوج يهودية؛ فكتب إليه عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يأمره بطلاقها، ويقول:" كفى بذلك فتنة للمسلمات "، فهذا -أيضًا- لا على سبيل التحريم، ولكن لما ذكر من الفتنة: فتنة المسلمات، فأصحابنا - رحمهم اللَّه - يكرهون أيضًا تزويج الكتابيات ولا يحرمونه.
واختلف أهل العلم في تزويج إمائهن:
فتأول قوم قول اللَّه - تعالى -: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) على الحرائر، وتأوله آخرون على العفائف. وقد ذكرنا أن صرف التأويل إلى العفائف أشبه؛ بدلالة قوله:(مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ) ومع ما لو كانت المحصنات هاهنا هن الحرائر، لم يكن فيه حظر نكاح إماء الكتابيات؛ لأنه إباحة نكاح الحرائر من الكتابيات، وليس في إباحة شيء في حال حظر غيره فيه، وقد ذكرنا الوجه في ذلك فيما تقدم، فالمجوسية ليست عندنا من أهل الكتاب؛ والدليل على ذلك قول اللَّه - تعالى -: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٥٥) أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا) فأخبر اللَّه - تعالى - أن أهل الكتاب طائفتان؛ فلا يجوز أن يجعلوا ثلاث طوائف، وذلك خلاف ما دل عليه القرآن؛ ألا ترى أنه لو قال رجل:" إنما لي عليك يا فلان، درهمان "، لم يكن له أن يدعي عليه أكثر من ذلك، ولو قال:" إنما لقيت اليوم رجلين "، وقد لقي ثلاثة، كان كاذبًا؛ لأن قوله:" إنما لقيت رجلين "، كقوله: لقيت اليوم رجلين، ولا يجوز مثل هذا في أخبار اللَّه؛ لأنه الصادق في خبره عَزَّ وَجَلَّ.
فَإِنْ قِيلَ: هذا شيء حكاه اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - عن المشركين، وقد يجوز أن يكونوا