وقيل: إنهم كانوا طلائع الكفرة وعيونًا لهم، فإذا أتى لهم منهم خبر يخبرون ضعفة أصحاب رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - خلاف ما أتاهم؛ نحو قولهم:(إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ)، كانوا يخشونهم؛ لئلا يغزوهم، واللَّه أعلم.
يحتمل: تبديل الكتابة من الأصل؛ كقوله - تعالى -: (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)، ويحتمل تغيير المعنى في العبارة على غير تبديل الكتاب، يغيرون على السفلة، والذين لا يعرفون غير ما فهموا منه.
وقوله:(يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا)
يعنون بـ " هذا ": ما حرفوه وغيروه.
(فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا)
عن ابن عَبَّاسٍ - رضي اللَّه عنه - قال: نزلت الآية في رجل وامرأة من اليهود زنيا، وكان حكم اللَّه في التوراة في الزنا: الرجم، وكانوا يرجمون الوضيع منهم إذا زنا، ولا يرجمون الشريف - وكانا في شرف وموضع، وكانا قد أحصنا، فكرهت اليهود رجمهما، وفي كتابهم الرجم، وكانوا أرادوا أن يرتفع الرجم من بينهم، وأن يكون حدهم الجلد؛ فذلك قوله - تعالى -: (إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا) - يعنون: الجلد - (فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا)، فكتبوا بذلك إلى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وسألوا عن ذلك، فقالوا: يا مُحَمَّد، أخبرنا عن الزاني والزانية إذا أحصنا: ما حَدُّهُمَا؟ وهل تجد فيهما الرجم فيما أنزل اللَّه - تعالى - عليك؛ فقال لهم رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " وَهَلْ تَرضَونَ بِقَضَائِي فِي ذَلِكَ؟ " قالوا: نعم؛ فنزل