للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَخُذُوهُ. . .) الآية: إنها نزلت في قتيل قتل عمدًا بين قبيلتين: بني قريظة، والنضير، وكان القتيل من بني قريظة، وكان بنو النضير إذا قتلوا من بني قريظة لم يعطوهم القود، ولكن يعطونهم الدية، وإذا قتل بنو قريظة من بني النضير لم يرضوا إلا بالقود؛ يتعززون عليهم، فقدم رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - المدينة فأرادوا أن يرفعوا أمرهم إلى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ ليحكم بينهم، فقال رجل من المنافقين: إن قتيلكم قتل عمدًا، وأنا أخشى عليكم القود، فإن كان مُحَمَّد أمركم بالدية وقبل منكم فأعطوه، وإلا فكونوا على حذر، فأخبر اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بما قالوا؛ فقال: (يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ) يعني: الدية، (وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا).

فلا ندري فيم كانت القصة، وفيه من الدلائل ما ذكرنا من إثبات الرسالة والنبوة، والله أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ)

قيل: من يرد اللَّه عذابه وإهلاكه؛ فلن يملك أحد دفع ذلك العذاب عنه.

وقيل: الفتنة: المحنة، أي: من يرد اللَّه أن يمتحن بالرجم أو القتل؛ فلن يملك له أحد دفع ذلك عنه.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) قالت المعتزلة: قوله: (لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) تأويله يحتمل وجهين:

يحتمل: (لَمْ يُرِدِ اللَّهُ). أي: لم يطهر اللَّه قلوبهم.

والثاني: (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) بالشرك والكفر، وذلك بعيد؛ لأنه كيف يطهر بالكفر، وبالكفر يتنجس؟!.

لكن الوجه عندنا في قوله - تعالى -: (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) أي: لم يرد اللَّه أن يطهر قلوبهم؛ إذ علم منهم أنهم يختارون ما اختاروا، ويريدون ما

<<  <  ج: ص:  >  >>