للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عملهم الذي فرض عليهم أن يعملوا وياتوا به، وأما ما لا ينبغي أن يقولوا فلا؛ كقوله: (حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ) الآية ذكر في الإيمان: التزيين، وفي الكفر: التكريه، ويقولون: إنه أضاف التزيين إلى الشيطان بقوله: (زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ)، وقوله: (الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ)، والشيطان يزين لهم المعاصي والفسوق؛ فلا يحتمل أن يكون اللَّه يزين لهم ما يزين الشيطان؛ فدل أنه إنما يزين لهم ما يؤمرون به ويفرض عليهم، ولكن يضاف إليه التزيين ما أضيف إليه حرف الإضلال والإغواء.

وأما عندنا: فالتزيين على وجهين:

تزيين في العقول، وهو تحسين من طريق الآيات والبراهين، فذلك لا يحتمل فعل الكفر والضلال أن يكون مزينا من جهة الآيات والحجج.

والثاني: تزيين في الطباع: بالشهوات، والأماني، وفعل كل أحد مزين بالشهوة والحاجة التي مكنت فيه، ولا شك أن كل كافر لو سئل عن فعله الكفر والضلال؛ فيقول: هذا الذي زين لي، وليس إضافة فعل التزيين إلى اللَّه بأكبر وأبعد من إضافة الإضلال والإغواء، وقد ذكرنا معنى إضافة الإضلال والإغواء إليه في غير موضع؛ فعلى ذلك التزيين.

ويقولون -أيضًا-: إن التزيين: تزيين وعد وثواب؛ فالكافر متى يؤمن بالوعد في الآخرة والثواب فيها، وهو ليس يؤمن بالآخرة، فهذا بعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>