للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا أصلنا: أن من لم يعود نفسه فعلًا يعذر في تركه وارتكابه في حال السهو والنسيان؟! كالأكل في شهر رمضان ناسيًا؛ لأنه عود نفسه الأكل والشرب، والصوم هو الكف عما اعتاد؛ فعذر في التناول منه والعود إلى العادة على السهو؛ لأنه يشتد على الناس حفظ النفس على خلاف العادة، ولأن اللَّه - تعالى - قال: (وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ)، ولا خلاف في أن من نسي أن يسمي اللَّه على ذبيحة - فليس بفاسق؛ وإنما يفسق من تركها عامدًا؛ فدل أن الخطاب بالآية رجع إلى الذبيحة التي تركت التسمية عليها عمدًا.

فَإِنْ قِيلَ: ليس يجوز أن يكون قوله: (وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ): يريد به أن الذي يأكل منها إذا لم يسم اللَّه عليها عامدً أو ساهيًا - فاسق، وإن كان هذا هو التأويل؛ فالآية على الأكل، الدليل، على أن، قوله: (وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) إشارة إلى الذبيح الذي ترك ذكر اسم الله عليه عمدًا، دون أن يكون ذلك، إشارة إلى أن الأكل من تلك الذبيحة فسق - قول اللَّه - تعالى -: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ): فكان الإهلال بالذبيحة لغير اللَّه فسقًا لمن فعله؛ فوجب أن يكون ترك اسم اللَّه على الذبيحة فسقًا ممن تعمده، وذلك يوجب أن يكون قول اللَّه: (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) خاصًّا في المتعمد لترك التسمية.

فَإِنْ قِيلَ: كيف لم تجعلوا تارك التسمية ناسيًا كتاركها عمدًا؛ كما قلتم في التكبيرة الأولى في الصلاة: إن عمده وسهوه سواء؟

<<  <  ج: ص:  >  >>