للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: من قبيل أن الذبيحة إذا تعمد صاحبها ترك التسمية عليها إنما حرمت بنص القرآن؛ لأنه فسق فقلنا: متى زال الفسق عن الذابح زال التحريم عن الذبيحة؛ لأن التحريم إذا وقع لعلة، فزالت العلة - زال التحريم، ولم نقل: إن صلاة التارك للتكبيرة الأولى فسدت صلاته؛ لأنه فسق بتركه التكبيرة عمدًا؛ فيلزمنا أن نفرق بين سهوها وعمدها؛ بل فسدت صلاته لأنه صلى بغير تكبير؛ فالتارك للتكبير عامدًا أو ساهيًا؛ تارك؛ فهما سواء، وروي في الخبر ما يؤيد ما قلنا: رُويَ عن راشد بن سعد قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " ذبيحةُ المسلم حلالٌ سمى أو لم يسم ما لم يتعمد ".

وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في رجل ذبح ونسي أن يذكر اسم اللَّه، قال: " اسم اللَّه في قلب كل مسلم؛ فليأكل ".

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ).

أهل التأويل صرفوا تأويل هذا إلى أن زخرف القول الذي يوحي بعضهم إلى بعض، في الآية الأولى هو مجادلتهم في الذبيحة " حيث قالوا: ما قتلتم بأيديكم فتأكلونه، وما قتل اللَّه فلا تأكلونه؟! يعنون: فتلك مجادلتهم إياهم، ولكن يجادلون في هذا في وحدانية اللَّه - تعالى - وفي إثبات الرسالة، والبعث بعد الموت، وفي كل شيء؛ حيث قالوا: (أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) فأخبر أنهم لو أطاعوهم إنهم لمشركون أي: لو أطعتموهم فيما يجادلونكم ويوحون إليكم (إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ).

<<  <  ج: ص:  >  >>