أهل التأويل قالوا: ما ينظرون، حملوا على الجواب؛ لأنه لم يخرج له جواب، فجوابه ما قالوا: ما ينظرون؛ كما قالوا في قوله:(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا) أي: لا أحد أظلم ممن كذب، هو جواب؛ لأن جوابه لم يخرج، فجوابه ما قالوا: لا أحد أظلم؛ لأنه سؤال واستفهام، فجوابه ما ذكروا؛ فعلى ذلك قوله:(هَل يَنظُرُونَ) هو استفهام ولم يخرج له الجواب، فجوابه: لا ينظرون؛ كقوله:(مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً).
هذا - واللَّه أعلم - يشبه أن تكون الآية في المعاندين منهم والمتمردين، الذين همتهم العناد والتعنت، خرج على إياس رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، من أُولَئِكَ الكفرة، وكان رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - حريصًا على إيمانهم مشفقًا على أنفسهم؛ حتى كادت نفسه تذهب حسرات عليهم؛ حرصًا على إيمانهم وإشفاقًا على أنفسهم؛ كقوله:(فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ) وكقوله: (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ. . .) الآية، ونحوه، فآيسه اللَّه - تعالى - عن إيمان أُولَئِكَ الكفرة؛ لئلا يطمع في إيمانهم وإسلامهم بعد ذلك، ولا تذهب نفسه حسرات عليهم؛ ليتخذهم أعداء ويبغضهم، ويخرج الشفقة التي في قلبه لهم، وليتأهب لعدوانهم، ويتبرأ منهم؛ كما فعل إبراهيم:(فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ)، وكما قال لنوح:(أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ): آيسه اللَّه عن إيمان قومه إلا من قد آمن، ونهاه أن يحزن