عليهم وعلى فوت إيمانهم؛ فعلى ذلك هذا آيس رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عن إيمانهم، ونهاه أن يحزن عليهم؛ كقوله:(وَلَا تَحزَن عَلَيهِم)، إلى الوقت الذي ذكر أنهم يؤمنون في ذلك الوقت، وهو وقت نزول الملائكة وإتيانهم بآياتهم، وهو قوله:(إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ).
ثم قَالَ بَعْضُهُمْ: تأتيهم الملائكة بقبض الأرواح مع اللعن والسخط؛ فعند ذلك يؤمنون باللَّه.
وقَالَ بَعْضُهُمْ قوله:(إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ) يوم القيامة، وهو كقوله:(يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ).
على إضمار الأمر؛ كأنه قال: أو يأتي أمر ربك؛ على ما ذكر في سورة النحل:(أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ).
ثم الأمر فيه عذاب اللَّه؛ كقوله - تعالى -: (فَلَمَّا جَآءَ أَمرُنَا) يعني: عذابنا؛ فعلى ذلك في هذا: أمر اللَّه عذاب اللَّه، والأصل فيما أضيف إلى اللَّه في موضع الوعيد لا يراد به الذات، ولكن يراد به نقمته وعذابه وعقوبته؛ كقوله:(وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ)، لا يريد به ذاته، ولكن يريد به نقمته، وعذابه؛ كقوله:(مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ)، لا يريد به لقاء ذاته؛ وكذلك قوله:(وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ)(وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ)، وغيرها من الآيات، لا يراد به ذاته، ولكن يراد به عذابه ونقمته.
أو نقول: إن كل شيء يراد به تعظيمه، يضاف إلى اللَّه - تعالى - فيراد به تعظيم ذلك الشيء، أو تعظيم عذابه ونقمته.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ): يحتمل بعض آياته ما قال - عز