لنوفل:" أنكح هذا الغلام ابنتك " فأنكحه، ثم قال لمحمية:" أصدقهما من الخمس " وكذا دل هذا على أن الحق لهم فيه لأهل الحاجة منهم.
ومما يدل أيضا على ذلك ما روي عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:" ما لي من هذا المال إلا الخمس، والخمس مردود فيكم " لم يخص القرابة بشيء منه، كان سبيلهم سبيل أمر المسلمين يعطي من يحتاج منهم كفايته؛ وعلى هذا أمر الأئمة الراشدين، ولم يغيره علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لما ولي الأمر، وكان ذلك عندنا مما لا يجوز مخالفتهم عليه.
فَإِنْ قِيلَ: لو كان قرابة النبي إنما يعطون من الخمس على سبيل الفقر والحاجة، فهم على هذا يدخلون في عموم المساكين، فما وجه ذكره إياهم إذن؟
قيل: إن اللَّه تبارك - وتعالى - قال في الصدقات:(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ)، ثم روي عن النبي - عليه السلام - قال:" لا تحل الصدقة لمُحَمَّد ولا لآل مُحَمَّد ".
فلو لم يسهم لهم في الخمس، جاز أن يقول قائل: لا يجوز أن يعطوا من الخمس، وإن كانوا فقراء؛ كما لا يجوز أن يعطوا من الصدقة وإن كانوا فقراء، فكان سبب ذكر اللَّه إياهم في الخمس لذلك، واللَّه أعلم.
ثم اختلف أهل العلم بعد وفاة رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في سهم الرسول وسهم ذي القربى.
فقال طائفة: سهم الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - للخليفة من بعده، وسهم ذي القربى لقرابة الخليفة.
وقال طائفة: سهم القربى لقرابة الرسول.
وقال الحسن: سهم القرابة لقرابة الخلفاء.
وقال غيره: القرابة قرابة رسول اللَّه.
وقد ذكرنا أنه يحتمل أنه كان له يصل به قرابته بحق الصلة، أو يعطيهم بحق القرابة ما دام حيًّا.
ثم قد ثبت عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:" لا نورث، ما تركناه صدقة "، فإذا لم يورث عنه ما قد حازه من سهامه، فكيف يورث عنه ما غنم بعد وفاته؟! ولو كان سهمه