نفسه دون غيره من البقعة، لكان ليس عليهم خوف العيلة؛ لأنهم يدخلون مكة، ويتجرون فيها، ولا يدخلون المسجد.
وإن شئت فاجعل أول الآية تفسير آخرها، وهو قوله:(فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) وهو ما ذكرنا.
فإذا كان ما ذكرنا، دل أن المشرك لا يدخل المسجد الحرام، وخبر علي بن أبيِ طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أيضًا يدل على ذلك، فأما من كان من أهل الذمة والعبيد منهم: فليسوا - واللَّه أعلم - بداخلين في الآية إذا كانوا ممن لا يحج.
فَإِنْ قِيلَ: فقد روي عن علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه نادى: ألا لا يدخل الحرم مشرك، ولم يذكر الحج.
قيل له: روي عنه أنه قال: ناديت ألا يحج بعد العام مشرك؛ فيكون قوله: لا يدخل الحرم مشرك؛ على الحج؛ على ما ذكرنا.
وقد روي عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه رخص في دخول المسجد للعبيد والإماء، وروي عن جابر بن عبد اللَّه عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال:" لا يقرب المشركون المسجد الحرام بعد عامهم هذا، إلا أن يكون عبدًا أو أمة ". يحتمل استثناء العبد والأمة؛ لأن العبد لا يدخل للحج ولإقامة العبادة، إنما يدخل لخدمة المولى إذا كان مسلمًا.
وفي بعض الأخبار:" أو أحدًا من أهل الذمة ".
وعن جابر بن عبد اللَّه موقوفًا كذلك:" أو أحدًا من أهل الذمة ".
وفيه دلالة لقول أبي حنيفة - رحمه اللَّه -: " أن لا بأس للكافر أن يدخل المسجد "،