وقال: أرأيت لو أراد أن يسمع كلام اللَّه ليؤمن فيمنع عن ذلك، ويؤمر الْمُستمعُ إتيان ذلك المشرك فيسمع كلامه، فيكون الآمر إبلاغ المأمن لذلك المشرك الإمام دل أنه لا بأس لذلك.
وقد ذكرنا أن ليس في ظاهر الآية دلالة النهي عن دخول المسجد؛ بل المراد من ذكر المسجد ما ذكرنا من الحج وإقامة العبادة لغير اللَّه.
ألا ترى إلى قول اللَّه:(وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ) وأن سبيل مكة كلها هذا السبيل، وكذلك قوله:(ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) والحرم كله منحر؛ إلا أن المعنى في ذلك - واللَّه أعلم - ما ذكرنا ألا يدخل المشركون حجاجًا؛ ألا ترى أنا نعلم أن المشركين لم يزالوا مقيمين في الحرم بعد النداء، ولم يخلو عنه.
ومما يدل على ذلك -أيضًا- قول اللَّه:(إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ)، فإن كان يعني به موضع العهد، فإن ذلك العهد يوم الحديبية عند الشجرة، فقد صار ذلك الموضع من المسجد الحرام، وهو في المسافة بعيد منه، وإن كان يعني به الذين عوهدوا، فإنهم كانوا يوم نادى علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فذلك خارج من مكة؛ لأن أهل مكة فد كانوا أسلموا قبل ذلك حين فتحها النبي، فحاضري المسجد الحرام هم من كان نازلًا خارج مكة في الحرم وما حوله.