يحتمل قوله:(يُعْطُوا الْجِزْيَةَ)، أي: يقبلوها، لا على الإعطاء نفسه، وهو ما ذكرنا في قوله:(فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ)، هو على القبول لها، لا على الفعل نفسه.
ويحتمل: نفس الإعطاء، وهو - واللَّه أعلم - لما جعلت الجزية لحقن الدماء، فتقدم؛ لتحقن بها الدماء.
وقوله:(عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) قَالَ بَعْضُهُمْ: (عَنْ يَدٍ)، أي: لا يؤخر قبضها عن وقت قبولها؛ بل تؤخذ يدًا بيد، وقَالَ بَعْضُهُمْ: عن يد، أي: عن قهر وغلبة.
وقيل:(عَنْ يَدٍ)، أي: عن طوع وطيب.
وقيل: عن جماعتهم.
لكنا لا ندري ما يعنون بالجماعة.
وقوله:(صَاغِرُونَ) قيل: ذليلون، وهو من الذل؛ يقال: صغر الرجل يصغر صغارًا، فهو صاغر، أي: ذل؛ فهو ذليل.
وقيل:(صَاغِرُونَ) أي: مذ مو مون.
وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يمشون بها متبلين.
وأصله: الذلة، وهو الخضوع - واللَّه أعلم - الذلة التي ذكر اللَّه في قوله:(ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا)، فإذا قبلوا ذلك، فقد أذعنوا بالذل والصغار.
وقوله:(قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ. . .) الآية، أما اليهود والنصارى: فلا خلاف بيهن أهل العلم في أن من بذل منهم الجزية، أخذت منه وأقر على دينه.
وأمّا المجوس: فإنه تؤخذ منهم الجزية؛ لما روي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: ما أدري ما أصنع بالمجوس فإنهم ليسوا بمسلمين، ولا من أهل الكتاب قال عبد الرحمن بن عوف: أشهد أني سمعت رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يقول:" سنوا بهم سنة أهل الكتاب ".