فقالتا: يا رسول اللَّه، ما بال ربنا يذكر الرجال في القرآن بالخير، ولا يذكر النساء في شيء؛ فنزل:(إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ. . .).
ثم قوله:(إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) يدل أن الإسلام والإيمان هما في الحقيقة واحد - أعني: في الحقيقة المعنى واحد - وإن كانا مختلفين بجهة؛ لأن الإسلام هو أن يجعل كل شيء لله سالمًا خالصًا، لا يجعل لغيره فيه شركًا ولا حقا، والإيمان هو التصديق لله بشهادة كل شيء له بالوحدانية والربوبية والألوهية، فمن جعل الأشياء كلها لله، خالصة سالمة له، والذي صدق اللَّه بشهادة كلية الأشياء له بالوحدانية والربوبية واحد؛ لأن المخلص هو الذي يرى كل شيء لله خالصًا، والموحد هو الذي يرى الوحدانية له والربوبية في كل شيء؛ فهما في حقيقة المعنى واحد، واللَّه أعلم.
وقوله:(وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ) القنوت: هو القيام في اللغة؛ روي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - سئل عن أفضل الصلاة؟ فقال:" طول القنوت "، وفي بعضه:" طول القيام "، فسر القنوت بالقيام؛ فثبت أن القنوت هو القيام، فيكون تأويله - واللَّه أعلم -: القائمين والقائمات بجميع أوامر اللَّه ومناهيه. وكذلك يخرج تأويل أهل التأويل: القائمين: المطيعين والمطيعات لله؛ لأن كل قائم بأمر آخر فهو مطيع له، هذا كأنه يقول: يكون في الاعتقاد، واللَّه أعلم.
وقوله:(وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ. . .) إلى أَخره؛ يكون في المعاملة في تصديق ما اعتقدوا وقبلوا، يصدقون ويوفون بالأعمال فيما اعتقدوا وقبلوا.
وقوله:(وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ) الصبر: هو كف النفس وحبسها عن التعاطي في جميع المحرمات المحظورات، وعلى ذلك يخرج قول أهل التأويل: الصابرين على أمر الله وطاعاته، وعلى الأذى والمصائب، يكفون عن جميع ما لا يحل فيه، ويرون ذلك من تقديره.