وأصل الخشوع: هو الخوف اللازم في القلب؛ وهو قول الحسن: يخافون اللَّه في كل حال، لا يخافون غيره، ويرجون اللَّه، ولا يرجون غيره؛ هكذا عمل المؤمن: يكون حقيقة خوفه ورجائه منه.
وأمَّا الكافر فإنه لا يخاف ربه، ولا يرجو منه؛ لأنه لا يعرفه ولا يخضع له، وعلى ذلك المعتزلة إنما خوفهم من أعمالهم السيئة ورجاؤهم منها - أعني: من أعمالهم الحسنة - لا من اللَّه حقيقة، وكذلك على قولهم: لا يكون لأحد رجاء في شفاعة رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إنما رجاؤه في أعماله؛ لقولهم: أن ليس لله في أفعال العباد شيء من تدبيره ولا تقديره.
وقوله:(وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ) أي: المنفقين في طاعة اللَّه (وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ) قد ذكر أن هذا راجع إلى حقيقة الفعل في الصيام، والصدقة، والصدق في القول والمعاملة، والخشوع منه.
وجائز أن يكون في القبول والاعتقاد؛ على ما ذكرنا، واللَّه أعلم.
وقوله:(وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ) فيما لا يحل؛ كقوله:(وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ. إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ).
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الذاكرين اللَّه كثيرًا والذاكرات باللسان على كل حال، لكن غيره كأنه أولى بذلك؛ أي: الذاكرين حق اللَّه الذي عليهم كثيرًا والذاكرات (أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا).